مرحلة الطفولة :
من القصص المعبرة والجميلة التي أتت بمجموعة من الحكم والمعاني هي قصة يوسف عليه السلام وهي من احسن القصص-يوسف هو إبن يعقوب عليه السلام من سلالة إبراهيم عليه السلام، هو الغلام الجميل الذي أعطاه الله الجمال والعفة، فهو كان غلام خلوق أحبه أبوه على سائر إخوته، في يوم من الأيام رأى يوسف في منامه رؤية قال يوسف لأبيه يعقوب : { إذ قال يوسف لأبيه يا أبت إني رأيت أحد عشر كوكبا والشمس والقمر رأيتهم لي ساجدين، قال يا بني لا تقصص رؤياك على إخوتك فيكيدوا لك كيدا إن الشيطان للإنسان عدو مبين، وكذلك يجتبيك ربك ويعلمك من تأويل الأحاديث ويتم نعمته عليك وعلى آل يعقوب كما أتمها على أبويك من قبل ابراهيم وإسحاق إن ربك عليم حكيم}.
أما إخوته فحسدوه ما عدا أخيه بنيامين ، وجلسوا يتأمرونا عليه : { إذ قالوا ليوسف وأخوه أحب إلى أبينا منا ونحن عصبة إن أبانا لفي ضلال مبين، اقتلوا يوسف أو اطرحوه أرضا لكم وجه أبيكم وتكون من بعده قوما صالحين }
أية معصية يريدونا ارتكابها إنه الحسد ، تدخل أحدهم لماذا تقتلوه اطرحه في بئر تأخده احدى القوافل {قال قائل منهم لا تقتلوا يوسف والقوه في غيابة الجب يلتقطه بعض السيارة إن كنتم فاعلين } اتفق إخوة يوسف على وضعه في بئر ، لا يهم إن مات أي حسد هذا جعل إخوته يكيدون له هذا الكيد ، يا أبنا نريد أن يذهب يوسف معنا ، قال يعقوب إني لا أتحمل حتى ساعة فكيف يوم كامل وأخف أن يأكله الذئب وأنتم غفلون ، فرح يوسف كثيرا لما سمع الخبر بذهب مع إخوته، أول مرة يخرج يوسف مع إخوته ، وضعه في البئر وهو في اعتقاده أن إخوانه انهم يضحكونا معه ، خاف الغلام بعد اطاحته في البئر المظلم واخوته يضحكونا عليه ، تفكر يوسف بعض اللحظات التي كان يقديها مع أبيه تفكر فراشه وامه ثم ندم على قدومه مع اخوته، مرت ليلة ثم أخرى ثم ليالي ويوسف موجود في البئر ، {قالوا يأبانا ذهبنا نستبق وتركنا يوسف عند متاعنا فأكله الذئب وما أنت بمؤمن لنا ولو كنا صادقين ، وجاؤوا على قميصه بدم الكذب قال بل سولت لكم أنفسكم أمرا فصبر جميل والله المتسعان على ما تصفون}
قالوا يا أبنا ذهبنا نتسابق في العدو وتركنا يوسف عند ثيابنا وحوائجنا ليحفظها فجاء الذئب وأكله ، وأنت لست بمصدق لنا ولو كنا في الواقع صادقين ، فكيف وأنت تتهمنا وغير واتق بما أخبرنك به، وجاءوا على ثوبه بدم الكذب ، قال ابن عباس : ذبحوا شاة ولطخوها بدمها على القميص فلما جاءوا يعقوب قال: كذبتم لو أكله الذئب لخرق قميصه، والله المتسعان على ما تصفون من كذب في مقتل يوسف .
{ وجاءات سيارة فأرسلوا واردهم فأدلى دلوه قال يا بشرى هذا غلام وأسروه بضاعة والله عليم بما يعملون، وشروه بثمن بخس دراهم معدودة وكانوا فيه زاهدين}
وجاءت قافلة من التجار ، فأرسلوا أحدهم ليأتي بالماء ، فأمسك يوسف بالدلو وقال واردهم يا بشر هذا غلام ، فنتقلوا به من فلسطين إلى مصر ثم باعوه بثمن رخيص في أسواق مصر ، اشتراه عزيز مصر وقال لمرأته { أكرمي مثواه عسى أن ينفعنا أو نتخده ولداً}
ويختم الله هذا الجزء من قصة يوسف في طفولته بقوله تعالى { وكذلك مكنا ليوسف في الأرض ولنعلمه من تأويل الأحاديث والله على أمره ولكن أكثر الناس لا يعلمون} هنا يأتي الفرج ليوسف عليه السلام رغم جميع الإبتلاءات ، وتنته قصة الطفولة وينتقل يوسف إلى مرحلة الشباب .
قصة يوسف عليه السلام من الطفولة إلى دخوله السجن |
مرحلة الشباب :
{ ولما بلغ أشده آتيناه حكما وعلما وكذلك نجزي المحسنين}. ويدخل يوسف في ابتلاء أخر يهزه ويصدمه ، فتن به إمرأة العزيز به فتن بجماله ، في تلك الليلة تزينت له وطلبته إلى غرفته من أجل القيام بالفاحشة ، تجرأت إمرأة العزيز لتعتدي عليه ، هرب يوسف نحو الباب وهي وراءه حتى مزقت قميصه من الوراء ، ويصتدم بالعزيز وهو بدون قميصه ، إنه كيد النساء . {وراودته التي هو في بيتها عن نفسه وغلقت الأبواب وقالت هيت لك، قال معاذ الله إنه ربي أحسن مثواي إنه لا يفلح الظالمون ، ولقد همت به ومه بها ولولا أن رأى برهان ربه كذلك لنصرف عنه السوء والفحشاء وإنه من عبادنا المخلصين وستبقا الباب وقدت قميصه من دبر وألفيا سيدها لدى الباب قالت ما جزاء من أراد بأهلك سوءاً إلا أن يسجن أو عذاب أليم، قال هي راودتني عن نفسي وشهد شاهد من أهلها إن كان قميصه قد من قبل فصدقت وهو من الكاذبين، وإن كان قميصه قد من دبر فكذبت وهو من الصادقين، فلما رأى قميصه قد من دبر قال إنه من كيدكن إن كيدكن عظيم، يوسف أعرض عن هذا واستغفر لذنبك إنك كنت من الخاطئين}
هنا تبدو صورة من الطبقة الراقية في المجتمع الجاهلي، رخاوة في مواجهة الفضائح الجنسية، وميل إلى كتمانها عن المجتمع ، فيلتفت العزيز إلى يوسف البريء ويأمره بكتم الأمر وعدم إظهار لأحد، ثم يخاطب زوجته الخائنة بأسلوب اللباقة في مواجهة الحادث الذي يثير الدم في العروق ، توبي وطلبي المغفرة من هذا الذنب القبيح ، وهنا إشارة إلى أن العزيز كان قليل الغيرة حيث لم ينتقم ممن أرادت خيانته ، وتدنيس فراشه بالإثم والفجور . { وقال نسوة في المدينة } أي في مدينة مصر ، روي أنهن خمس نسوة: امرأة الساقي العزيز، وامرأة الحاجب، وامرأة الخباز، وامرأة صاحب الدواب، وامرأة صاحب السجن { فلما سمعت بمكرهن، أرسلت إليهن} بمعنى أنها لما سمعت بحديثهن وسماه مكرا لأنه كان في خفية، كما يخفي الماكر مكره ، أرسلت إليهن تدعوهن إلى منزلها لحضور وليمة ، ثم أعطت لكل وحدة منهن سكينا لتقطع به وقالت ليوسف وهن مشغولات بتقشير الفاكهة والسكاكين في أيديهن : اخرج عليهن فلم يشعرون إلا ويوسف يمر من بينهن، وبهتن من جماله ودهشن حتى جرحن أيدهن بالسكاكين وقالوا {ماهذا بشراً، إن هذا إلا ملك كريم } هذا الجمال لا يوجد عند البشر أنه ملك من الملائكة.عاودته المراوغة بمحضر منهن، وهتكت جلباب الحياء ، وتوعدت بالسجن إن لم يفعل { قال رب السجن أحب إلي مما يدعوني إليه} لجأ يوسف إلى ربه وجعل يناجيه في الخشوع وتضرع فقال: رب السجن آثر عندي وأحب إلى نفسي من اقتراف الفاحشة،
{ثم بد لهم من بعد ما رأوا الأيات ليسجننه حتى حين} هذه بداية محنة أخرى من المحن ، روي أن امرأة العزيز لما استعصى عليها يوسف وأيست منه، احتالت بطريقة آخر، فقالت لزوجها : إن هذا العبد العبراني قد فضحني في الناس يقول لهم : إني راودته عن نفسه وانا على إظهار عجزي ، فإما أن تأذن لي فأخرج وأعتدر، وإما أن تحبسه، فعند ذلك سجن يوسف عليه السلام ، ونودي في أسواق مصر، إن يوسف العبراني أراد سيدته فجزاؤه أن يسجن ، فدخل يوسف السجن لتبدأ قصة أخرى في السجن .
0 تعليقات
شكرا لكم