حياة الرسول قبل البعثة
ولادته :
ولد الرسول صلى الله عليه وسلم في مكة المكرمة يوم الإثنين الثاني عشر من ربيع الأول عام واحد وسبعون وخمس مئة ،ويعرف العام الذي خلق فيه عام الفيل الذي حاول فيه أبرهة الحبشي أن يهدم الكعبة فأهلكهم الله كما ثبت في سورة الفيل (ألم ترى كيف فعل ربك بأصحاب الفيل ،ألم يجعل كيدهم في تضليل ،وأرسل عليهم طيراً أبابيل،ترميهم بحجارة من سجيل ،فجعلهم معصف مأكول)صدق الله العظيم. في أشرف بيت من بيوت العرب ، وهم بنو هاشم وقريش أشرف قبيلة في العرب ، وأزكاها نسبا ، وأعلاها مكانة ، وقد روي العباس رضي الله عنه ، عن سرول الله صلى الله عليه وسلم قال : إن الله خلق الخلق ، فجعلني من خيرهم من خير فرقهم ، وخير الفريقين .ثم تخير القبائل ، فجعلني قبيلة ، ثم تخير البيوت ، فجعلني من خير بيوتهم ، فأنا خيرهم نفسا ، وخيرهم بيتا .
نشأته :
نشأ يتيما ، فقد مات أبوه عبد الله بن عبد المطلب بن هاشم وأمه آمنة بنت وهب حامل به لشهرين فحسب ، فلما ولدته أمه أرسلت إلى جده تبشره بحفيده ،فجاء فحمله ودخل به الكعبة ودعا له وسماه محمد قال تعالى (ومبشراً برسول يأتي من بعدي اسمه أحمد).
ولما أصبح له من العمر ست سنوات ماتت أمه آمنة ، فذاق رسول الله مرارة الحرمان من عطف الأبوين وحنانهما ، وقد كفله بعد ذلك جده عبد المطلب ثم توفي ورسول الله ابن ثمان سنوات ، فكفله بعد ذلك عمه أبو طالب نشأ واشتد ساعده .
رضاعته :
أمضى السنوات الخمس الأولى من طفولته في الصحراء في بني سعد ، وكانت مرضعته حليمة السعدية ، حيث امتنعت في البداية أخده لأنه يتم الأب،ولكنها كرهت أن ترجع من غير رضيع مما جعلها تأخده إذ لا يوجد سواه ،فمكث سنتين من الرضاعة ثم ذهبت به حليمةالسعدية إلى أمه لتطلب منها بقاء محمد معهامدة أخرى، ولما بلغ الخامسة من عمره وقعت حادثة شق الصدر.فقد جاء جبريل الى محمد صلى الله عليه وسلم وهو يلعب مع الغلمان فأخده وصرعه وشق صدره واستخرج قلبه واستخرج منهاعلقة ، ثم قال هذا حظ الشيطان منك ثم غسله في طست من ذهب بماء زمزم المبارك . فنشأ قوي البنية ، سليم الجسم ، فصيح اللسان ، يحسن ركوب الخيل على صغر سنه .
موت أمه :
بعد وقوع تلك الحادثة أرجعت حليمة السعدية رسول الله إلى أمه وبقي مع أمه ما يقارب السنة ، ثم ذهبت به الى يثرب لزيارة أخواله من بني النجار، وفي طريق العودة ماتت أم النبي وهو في سن السادسة من عمره .
كفالة جده وعمه أبي طالب:
بعد وفات أمه آمنه بنت وهب بقى الرسول مع جده عبد المطلب حتى بلغ الثامنة من عمره فتوفي جده ، وكفله بعد ذلك عمه أبا طالب ، وصحبه معه إلى بلاد الشام من أجل التجارة ، وكان عمره أنذك الثانية عشرة عام ، وفي بصرى قابلا راهبا يدعى بحيرا الذي عرف محمد صلى الله عليه وسلم بخاتم الأنبياء بين كتفيه .
كان رسول الله راعي الغنم في أوائل شبابه لأهل مكة حيث كان يرعى أغنامهم بقراريط يأخدها أجرا على عمله ، وقد ثبت عنه صلى الله عليه وسلم أنه قال : (ما من نبي إلا وقد رعى غنم ) قالوا : وأنت يارسول الله ؟ قال : (وأنا ) .
أخلاقه ولقبه :
لم يشارك عليه الصلاة والسلام أقرانه من شباب مكة في لهوهم ولا عبتهم ، وقد عصمه الله من ذلك ، وهناك رواية في كتب السيرة ذكر فيها أنه سمع وهو في سن الشباب غناء في إحدى دور مكة في حفلة عرس ، فأراد أن يشهدها ، فألقى الله عليه النوم ، فما أيقضه إلا حر الشمس ، ولم يشارك مما ذبح لها ، ولم يشرب خمرا ، ولا لعب قمارا ، ولا عرف عنه فحش في القول ، أو هجر في الكلام .
وقد كان رسول الله ذا إدراك واعي ورصانة في العقل وأصالة في الرأي ، ففي حادثة وضع الحجر الأسود في مكانه من الكعبة دليل واضح على هذا ، فقد أصاب الكعبة سيل أدى إلى تصدع جدرانها ،فقرر أهل مكة هدمها وتجديد بنائها ، وفعلوا ما فعلوا ، فلما وصلوا إلى مكان الحجر الأسود اختلفوا اختلاف شديداً فيمن يكون له شرف وضع الحجر الأسود في مكانه ، وأردات كل قبيلة أن يكون لها الشرف ، واشتد النزاع حتى تواعدوا للقتال ، ثم ارتضوا أن يحكم بينهم أول شخص يدخل من باب بني شبية .فكان من دخل هو الرسول صلى الله عليه وسلم ، فلما رأوه قالوا : هذا الأمين ، رضينا بحكمه .فلما أخبربذلك ،حل المشكلة بما رضي عنه جميع المتنازعين ، فقد بسط رداءه ، ثم أخد الحجر فوضعه فيه ، ثم أمرهم أن تأخد كل قبيلة بطرف من الرداء ، فلما رفعوه ، وبلغ الحجر موضعه ، أخده ووضعه بيده ، فرضوا جميعا بذلك .
وعرف الرسول صلى الله عليه وسلم بين قومه بالصادق الأمين ، واشتهر باستقامة السيرة ، وحسن السمعة ،وحسن المعاملة ، والوفاء بالوعد ، مما جعل خديجة رضي الله عنها أن تعرض عليه التجارة بمالها في القافلة التي تذهب إلى مدينة البصرى كل عام على أن تعطيه ضعف ما تعطي للأخرين .
زواجه من خديجة :
قبل البعتة تزوج الرسول خديجة بنت خويلد رضي الله عنه بعد أن عرف بصدقه وأمانته ، وبعد أن رأت أمانته في إدارة أموالها وتجارتها ، فأعجبت به فخطبها إليه عمه أبي طالب وزوجه إياها ، وهو في الخامسة والعشرين من عمره .
سفره ورحلاته :
سافر مرتين خارج مكة ، أولهما مع عمه أبي طالب حين كان عمره اثنتي عشرة سنة ، وثانيتها حين كان عمره خمسة وعشرين سنة ، كان متاجراً لخديجة بمالها ،وكانت كلتا الرحلتين إلى مدينة البصرة في الشام ، من عادات الرسول صلى الله عليه وسلم أنه كان يعتكف في غالر حراء قبل البعثة ، يخلوا فيه لنفسه ،ليفكر في آلاء الله ، وعظيم قدرته ،
وستمر على ذلك حتى جاء الوحي ، ونزل عليه القرأن الكريم .
0 تعليقات
شكرا لكم